سمعتهم يتحدثون عن الحب ...
ويغنون للحب ..
ويحلمون بالحب ..
ويتكلمون عن الشفاه والخدود , ويرتلون التسابيح فى جمال لبنى , ويركعون على أعتاب لمياء , ويسجدون فى محراب ليلى .
فلما حدثتهم عنك يا إلهى , أشاحوا بوجوهم عنى , وكأنى أزعجتهم من حلم .
وما دروا أنهم ما سجدوا إلا فى محرابك , وما سبحوا إلا لجمالك , وما ركعوا إلا لك , وإن جهلوك وأنكروك وكفروا بك .. فما ظهرت المحاسن إلا عنك , ولا بدت الجميلات إلا بجمالك , وما سحرتهم ليلى إلا بمفاتنك , وما أسكرتهم العيون إلا بسرك , وما أهلهم بالحق إلا وجهك .. فما ثم إلا وجهك .. تقدس وجهك عن ألاسماء .
ومن هى ليلى , ولبنى , ووسعدى , ولمياء ؟؟!
إن هى إلا اسماء نقشتها رياحك على بحرك , وغدا تنقش لنا أسماء أخرى وأخرى .. وكلها إلى زوال , وأنت أبدا إلى بقاء يا بحر الجمال والمحبة .. والذين عرفوك وعبدوك وأحبوك , وغرقوا فيك وحدك قد أحبوا الحب الجميع المجتمع ورشفوا من البحر كله , وسبحوا فى الباقى , واعتصموا بالحى وسجدوا للحق , وركعوا للموجود أبدا ودائما سبحانك يا من له الحب كله .
حدثتهم عنك يا إلهى وهم فيك ومنك وإليك , فما عقلوا عنى , وحجبتهم نفوسهم عن نفسك , وأعماهم ختم اللحظات التى ختمت بها على قلوبهم عن سر أبدك .. فعجلوا إلى نزوة اللحظة .. وما عجلوا إلا إلى العدم ..
ولو كشفت لهم النقاب لوجدوا الأبدية مطلا بعينيه من وراء اللحظات , ولرأوا جنتك تتألق من خلف السراب ولأنشدوا لوجهك مع العارفين المغرمين ..
ولولا ليل شعرك ما ضللنا ولولا صبح ثغرك ما اهتدينا
وأثنينا على أوصاف لبنى ومعنى غير حسنك ما عنينا
فما ثم إلا معناك ..
وما ثم إلا وجهك ..
أنت سبحانك النور الذى تنورت به كل الظواهر , ولو أكتمل بصر الرئى ما رأى الا نورك .. ولما زاغت منه العين فى الخصور , والصدور , والقدود والخدود . ولما رأى فيها إلا نوافذ , ومشارف إقلاع يطير منها إليك .. ولما وقف عندها يلثمها , كما يلثم الوثنى نحاس الأضرحة , ويسكب دمع العدم ليشربه العدم ..
صدق من قال بحبك ..
وكذب من قال لم احب سواك ..
وكذبته روحه يوم القيامة ..
وندمت يداه وقدماه فما زرع إلا الهواء .. وما حصد إلا الهواء .. وما تنور إلا بالظلمة .. وما تبرد إلا بالنار ..
سيدى .. مولاى .. مليكى ..
ما بيدى شىء ..
ما بملكى شىء ..
ما بوسعى شىء ..
إلا ما أردت وأودعت وأستودعت ..
إليك أرد كل الودائع .. لأستثمرها عندك فى خزينة كرمك ..
إليك أرد أبدع ما أبدع قلمى فهو جميلك . وإليك أرد علمى وعملى , واسمى ورسمى فهو عطاؤك , وإليك أسلم روحى وقلبى ونفسى , وجسدى فالكل من خلقك ..
ثم أسلم لك أختيارى ..
ثم أسلم لك سرى ..
ثم أسلم لك حقيقتى .. وهى أنا ..
وحسبى أنت ..
زكنى يا رب , وطهرنى بإلهامك ورضاك لأكون كاتبك فى الأخرة .. كما جعلتنى كاتبك فى الدنيا .. ولأكون خادمك وكاتم سرك وحامل أختامك , وعبدك المقرب المتحبب إليك بتضحية نفسه